التيار (واغادوغو) - أثارت وفاة الناشط البوركيني علين تراوري كريستوف، المعروف على مواقع التواصل الاجتماعي باسم علين فاسو، داخل مركز احتجازه في أبيدجان صباح الخميس 24 يوليو 2025، صدمة واسعة في الأوساط الحقوقية والإعلامية بالمنطقة، وفتحت الباب أمام موجة تساؤلات بشأن مستقبل العلاقات المتوترة أصلا بين كوت ديفوار وبوركينا فاسو منذ الانقلاب الذي قاده النقيب إبراهيم تراوري في واغادوغو عام 2022.
النيابة العامة في أبيدجان أوضحت في بيانها الصادر الأحد 27 يوليو، أن علين فاسو أقدم على الانتحار شنقا مستخدما غطاء سريره، بعد محاولة فاشلة لقطع شرايين معصمه.
وأكد البيان أن التحقيقات مستمرة لمعرفة الدوافع والظروف المحيطة بالحادث.
لكن خلف هذه الرواية الرسمية، يرى مراقبون أن القضية لن تمر مرور الكرام، فالرجل الذي اعتقل في 10 يناير الماضي بتهم وصفت بـ"الخطيرة" شملت التجسس والتخابر مع دولة أجنبية، كان موضوعا حساسا في ظل أجواء من الشك المتبادل بين واغادوغو وأبيدجان، كما أن سحب جنسيته الإيفوارية المكتسبة عبر الزواج زاد من تعقيد ملفه وأثار جدلا واسعا حول سلامة الإجراءات القانونية بحقه.
في واغادوغو، تسود حالة من الترقب الحذر، إذ أعلنت وكالة الأنباء البوركينية (AIB) أن الحكومة ستصدر موقفها الرسمي خلال الساعات المقبلة.
يأتي ذلك بينما تؤكد أسرته أنها لم تبلغ رسميا بوفاته إلا عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ما يضيف بعدا إنسانيا مؤلما للقضية ويضاعف من حدة الغضب الشعبي في بوركينا فاسو.
العلاقات بين البلدين تمر أصلا بمرحلة حساسة منذ صعود المجلس العسكري بقيادة النقيب إبراهيم تراوري، حيث برزت خلافات حادة بشأن قضايا أمنية واستخباراتية في منطقة الساحل. ويرى محللون أن وفاة علين فاسو قد تتحول إلى ورقة ضغط سياسي ودبلوماسي تستثمر داخليا في بوركينا فاسو لتأجيج الخطاب السيادي وتوجيه الانتقادات نحو أبيدجان.
كما أن أي تأخر أو غموض في التحقيقات الإيفوارية قد يفسّر في واغادوغو على أنه تلاعب أو تقصير، ما قد يؤدي إلى تصعيد دبلوماسي وربما إلى إعادة تقييم للتعاون الأمني والحدودي بين البلدين.
ويحذر خبراء من أن تراكم الملفات العالقة، مثل قضية علين فاسو، قد يفتح الباب أمام انزلاق الأزمة إلى مستويات أعمق، خصوصا في ظل بيئة إقليمية متوترة أصلا بفعل الانقلابات المتتالية في غرب إفريقيا، وما يرافقها من إعادة رسم للتحالفات.
في انتظار الموقف الرسمي للحكومة البوركينية، تبقى وفاة علين فاسو أكثر من مجرد حادث فردي، فهي مرشحة لأن تتحول إلى مؤشر جديد على هشاشة العلاقات بين واغادوغو وأبيدجان، وورقة اختبار حقيقية لمدى قدرة العاصمتين على احتواء أزمات متلاحقة تهدد أمن واستقرار المنطقة، في ظل سباق عسكري متسارع يحمل في طياته محاولة الأنظمة الهروب من الواقع الاقتصادي والتنموي الهش، إلى استعراض القوة العسكرية واعتبرها مصدر السيادة الأوحد في بلدان المنطقة، ما قد يقود إلى صراع مفتوح على كل الاحتمالات.