التيار(نواكشوط) - يشكل التقرير الأخير الذي قدمته محكمة الحسابات إلى رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، محطة بارزة في مسار تعزيز الشفافية وترسيخ قيم المساءلة في تسيير المال العام، ضمن النهج الإصلاحي الذي تتبناه السلطات العمومية منذ أعوام.
ويعد نشر التقرير بهذا المستوى من الوضوح تجسيدًا لخيار استراتيجي في محاربة الفساد، يقوم على مبدأ الشفافية والمحاسبة، بوصفهما ركيزتين لبناء دولة العدالة والقانون.
ويرى مراقبون أن الخطوة تترجم إرادة سياسية ثابتة في مواجهة سوء التسيير دون انتقائية أو مزايدة، انسجاما مع البرنامج الإصلاحي الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة.
غير أن التقرير، من الناحية القانونية، لا يمثل إدانة بحد ذاته، بل يفتح المجال أمام إجراءات المراجعة والتدقيق والتحقيق التي تتولاها الجهات المختصة، قبل تحديد المسؤوليات بشكل نهائي.
وفي المقابل، يرى محللون أن التسرع في إصدار الأحكام أو تحويل التقرير إلى منصة للاتهامات، يبتعد عن روح العدالة ويقوض أهداف الإصلاح، مؤكدين أن المساءلة ينبغي أن تقوم على الأدلة والحقائق لا على الانفعالات والمزايدات.
ويجمع المراقبون على أن المرحلة الحالية تمثل تحولًا نوعيًا في نهج الإصلاح الإداري والمالي، حيث تفتح الملفات بشجاعة، ويحاسب المقصر وفق القانون، في مناخ يوازن بين الصرامة في تطبيق المساءلة والحفاظ على هيبة المؤسسات واحترام الإجراءات القانونية.