تقرير يحذر من تمدد “نصرة الإسلام والمسلمين” نحو السنغال وموريتانيا انطلاقا من جنوب غرب مالي

بواسطة mina

التيار (داكار) - حذر معهد تمبكتو في تقرير جديد نشره أمس تحت عنوان "تهديد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في منطقة الحدود الثلاثة بين مالي وموريتانيا والسنغال" من مساع تقوم بها الجماعة الجهادية لتوسيع نطاق نشاطها نحو السنغال وموريتانيا، انطلاقا من قواعدها في منطقة "خاي" جنوب غرب مالي.

وأثار التقرير اهتمام عدد من وسائل الإعلام الدولية، في ظل مخاوف متزايدة من سعي التنظيمات المتطرفة في منطقة الساحل لتحقيق هدف طالما لوّحت به: الوصول إلى بلدان الساحل الأطلسي، مستغلين هشاشة بعض المناطق الحدودية وواقعها الاجتماعي والاقتصادي الهش.

وتنشط جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، المرتبطة بتنظيم القاعدة، في مناطق شاسعة من مالي، وهي نتاج اندماج عدد من الجماعات المتشددة، من أبرزها أنصار الدين والمرابطون وفرع تنظيم القاعدة في الصحراء الكبرى.

ويشير التقرير إلى أن الجماعة تعتمد على استراتيجية مزدوجة في المناطق الحدودية، تتمثل في استهداف قوات الأمن بشكل متقطع، مقابل التغلغل الاقتصادي عبر التهريب وقطع الأخشاب وتجارة المواشي غير القانونية.

وبحسب المعهد، فإن بعض مناطق السنغال، خصوصا الشرق، تتوفر فيها "عوامل هشاشة" يمكن للجماعة استغلالها، منها ضعف الرقابة على الحدود، وغياب وعي مجتمعي واسع بخطورة التهديد، وانتشار الفكر السلفي الراديكالي، إلى جانب تحديات البطالة والفقر التي تعاني منها هذه المناطق.

ورغم أن الحدود بين السنغال ومالي تشهد نشاطا كثيفا للتهريب، فإن التقرير يشير إلى أن نسبة معتبرة من سكان المناطق المعرضة للتمدد الجهادي لا تعتبر الجماعة تهديدا مباشرا، ما يعزز من فرص تسلل الخطاب المتطرف، خاصة في ظل استمرار التفاوتات الاجتماعية ونظام "الطبقات التقليدية" الذي ما زال قائما في بعض المناطق مثل باكيل، حيث تستغل الجماعة تلك المظالم للترويج لما تسميه "تحريرا" من خلال فهم بديل للدين.

ولفت التقرير إلى أن بعض المناطق في شرق السنغال، حيث لا ينتشر التصوف بشكل واسع كما في باقي البلاد، قد تكون أكثر عرضة لتأثيرات هذا الخطاب، مشيرا إلى أن الجماعة تسعى لتجنب المواجهة المباشرة مع الجيش السنغالي، مفضلة السيطرة غير المرئية على الاقتصاد المحلي، وتقديم نفسها كحام للفئات المهمشة، معتمدة على شبكات عرقية عابرة للحدود لتأمين الإمدادات والتجنيد.

ووفق المصدر، أطلقت المؤسسة العسكرية السنغالية خلال الأشهر الماضية ديناميكيات جديدة في مناطق مثل تامباكوندا وكيدوغو، خصوصا على امتداد نهر فاليمي، لمواجهة هذه التحديات، مع التركيز على تعزيز الوعي الأمني عبر حملات موجهة على شبكات التواصل الاجتماعي.

ويؤكد التقرير أن السنغال، رغم عدم تعرضها لهجمات إرهابية مباشرة حتى الآن، تبدو واعية بخطورة التهديد، وتعتمد على مقاربة استباقية تقوم على تطوير قدرات الاستخبارات والتحليل الاستراتيجي، وهي مجالات باتت تحظى باهتمام متزايد في غرف القيادة العسكرية.

ورغم أهمية المعطيات التي أوردها تقرير معهد تمبكتو، إلا أنه لم يسلم من الانتقادات، حيث اعتبر بعض المحللين أنه يفتقر إلى التوثيق الميداني الكافي، ويقدم صورة مجزأة للتهديد دون ربط عناصره ضمن رؤية أمنية شاملة.

إلا أن التحذير الأساسي الذي يقدمه يبقى حاضرا: الخطر محتمل، والتحصين يبدأ من الوعي والجاهزية.