التيار (باماكو) - في سياق إقليمي يشهد تغييرات سياسية متسارعة، خرج مئات الشباب في العاصمة التوغولية لومي وعدد من مدن البلاد الجمعة 6 يونيو 2025، في احتجاجات حملت مطالب اجتماعية وسياسية، تعكس قلقا متزايدا من غياب الأفق لدى جيل يشعر أنه يدفع ثمن انسداد المسارات الإصلاحية في البلاد.
خلال الاحتجاجات برز حضور شبابي لافت في المظاهرات، حيث نجحت مجموعات من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة في التحرك السريع وتنظيم التظاهر في عدد من الأحياء، رغم الإجراءات الأمنية المشددة.
واعتبر مراقبون أن هذا الزخم يعكس تحولا نوعيا في الوعي السياسي لجيل جديد لم يعرف مراحل الانفتاح السياسي الجزئي في تسعينيات القرن الماضي، لكنه يعيش تبعات التراجع الديمقراطي والجمود المؤسساتي.
الاحتجاجات الجديدة أعادت تسليط الضوء على فجوة متزايدة بين الأجيال، فبينما أبدى بعض الشباب استياءهم من "تخلي" الجيل الأكبر عن المشهد السياسي، اكتفى كثير من ممثلي الطبقة المتوسطة بمراقبة ما يجري من بعيد، في وقت يرى فيه البعض أن مكتسبات شخصية محدودة –كامتلاك مسكن أو وظيفة – باتت تقدم على الاهتمام بالشأن العام.
ورغم الطابع السلمي للمظاهرات، شهدت بعض المناطق مواجهات مع قوات الأمن التي استخدمت الغاز المسيل للدموع، وأوقفت عددا من المتظاهرين.
هذا المشهد كرس بحسب متابعين "حالة فقدان الثقة" بين المواطنين وقوات الأمن، في ظل شعور متنام لدى قطاعات واسعة من الشعب بأن أجهزة الدولة لم تعد تمثلهم أو تدافع عن مصالحهم، بل باتت في نظر البعض أداة لتكريس الواقع القائم.
تأتي هذه الأحداث في ظل تحولات عميقة تعيشها منطقة غرب إفريقيا، خاصة بعد بروز محور دول "تحالف الساحل" (AES)، وعودة مسألة السيادة الوطنية، والتوترات بين الأنظمة التقليدية ومطالب الأجيال الجديدة. ورغم أن السياق التوغولي يختلف عن حالة الانقلابات التي شهدتها بلدان أخرى، إلا أن القاسم المشترك هو تآكل شرعية المؤسسات في نظر شرائح واسعة من المواطنين، وعودة الشارع كوسيلة للتعبير السياسي في ظل غياب الإصلاحات.
ويرى محللون أن توغو تقف أمام لحظة مفصلية، حيث باتت الحاجة ملحة إلى مراجعة العقد الاجتماعي، وإيجاد صيغ جديدة تضمن مشاركة حقيقية لكل فئات المجتمع، بعيدا عن منطق الإقصاء أو الجمود السياسي.